[8] علم الطب يؤخذ بنظر الاعتبار "مختلف الامراض التي ترتبط بمسألة سلامة الانسان" ثمّ تُقسم المسائل المتعلقة بهذه المواضيع على فصول وابواب (امراص القلب، الامراض العصبية، امراض الجهاز الهضمي، امراض الجهاز التنفس، الامراض الجلدية وسائر الامراض). ومن ثمّ يبحثون كلَّ فصل وكلَّ باب من خلال الاعتماد على المقدّمات ونتائجها وبهذا النحو يتمّ تأليف كتاب باسم كتاب "الطب". بيد أنَّ القرآن ليس كذلك، فهذا الكتاب نزل على مدى 23 سنة وفقاً للحاجات والظروف الإجتماعية المختلفة والوقائع المتباينة، والمراحل التربوية المتفاوتة، وسائر حياة المجتمع الاسلامي، وفي نفس الوقت لم يتعلق بزمان ومكان معين! فخلال يوم كامل تدور كافة بحوث القرآن حول محور مقارعة الوثنين والشرك وتعليم التوحيد بكل فروعه، والسّور والآيات النّازلة في هذه المرحلة كلّها في المبدأ والمعاد: (كالسور التي نزلت في مكّة خلال السنوات الثالث عشرة الاولى من البعثة). وفي يو آخر تكون البحوث ساخنة وقوية حول الجهاد ومواجهة الأعداء الداخليين والخارجيين والمنافقين. ويومٌ تقع غزوة الاحزاب فتنزل سورة الاحزاب، وما لا يقل عن 17 آية منها تتحدث عن هذه المعركة والتجارب والقضايا التربوية فيها ووقائعها. وفي يوم آخر جرت واقعة صلح الحديبية فتنزل سورة الفتح: وبعدها فتح مكّة وغزوة حنين فتنزل سورة الاخلاص وآيات اُخرى. والخلاصة، فتزامناً مع انتشار الاسلام والتحرك العالم للمجتمع الاسلامي كانت تنزل الآيات المناسبة وتصدر الأوامر الملازمة، وهذا ما كان يكمّل المسيرة التكاملية للانسان.