[9] استناداً الى ما قيل اعلاه، يتضح المغزى من التفسير الموضوعي ألا وهو تجميع الاحداث والمجالات وترتيبها للتجلى وجهة نظر القرآن الكريم بشأن ذلك الموضوع وأبعاده. فمثلا، تُستجمع الآيات المتعلقة ببراهين معرفة الله كالفطرة، وبرهان النظم وبرهان الوجوب والامكان وباقي البراهين، وحيث أن القرآن يفسّر بعضُه بعضاً تتضح أبعاد هذا الموضوع(1). وهكذا الآيات المتعلقة بالجنّة أو النار، والصراط صحيفة الاعمال، والآيات المتعلقة بالقضايا الاخلاقية والتقوى وحسن الخلق والشجاعة، و... والآيات المتعلقة باحكام الصلاة والصوم والزكاة والخمس والأنفال، والآيات المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وجهاد الاعداء وجهاد النفس و... من المسلّم به انّ هذه الآيات التي نزلت في مناسبات مختلفة، عندماتُجمع كلُّ طائفة على حدة وتنظم وتُفسَّر معاً ستنكشف عنها حقائق جديدة ومن هنا تتضح أهمية التفسير الموضوعي حيث سيأتي الكلام فيه في البحث الآتي إن شاء الله. ما هي المشكلات التي يُمكن حلُّها بالتفسير الموضوعي؟ إنّ الاجابة على هذا السؤال واضحة للغاية من خلال ملاحظة ما مرَّ ذكره آنفاً، ولكن للمزيد من التوضيح ينبغي الالتفات الى هذا الأمر وهو: ــــــــــــــــــــــــــــ 1 - لقد رويت عبارة "القرآن يفسّر بعضه بعضاً" عن ابن عباس وليس من المستبعد أن يكون قد اخذها عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وامير المؤمنين(عليه السلام) نتيجة لعلاقته القوية معهما في مسائل القرآن، كما ورد مضمونها في نهج البلاغة حيث يقول: "وَذَكرت انّ الكتاب يصدّقُ بعضُه بعضاً" (نهج البلاغة الخطبة 18) وقد أورد بعض العلماء في كتبهم جملة "القرآن يفسر بعضه بعضاً" على أنّها حديثٌ، كما في صفحه 106 من كتاب (تنزيه التنزيل) للمرحوم الشهرستاني اذ وردت هذه العبارة باعتبارها رواية بدون أن ترد عليها مؤاخذة، كما تُلاحظ في نهج البلاغة اشارة اخرى الى هذا الأمر، حينما يقول بشأن القرآن الكريم: "وينطقُ بعضه ببعض ويشهد بعضُه على بعض" (نهج البلاغة الخطبة 133).