( 50 ) وطمعهم الذي لم يقف عند حدّ ويصوّر لنا كيف أنّهم لم يتركوا حتّى أموال الضعفاء والمساكين طمعاً وجشعاً. فها هو القرآن يذكر لنا عن ملك بلغ به الجشع والحرص إلى درجة انتزاع سفينة بعض المساكين التي كانوا يرتزقون من ورائها، ويحصلون بها على لقمة عيشهم، فيقول: ( أَمّا السّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أنْ أَعِيبَهَا وكَانَ وَرَاءَهُمْ مِلكٌ يأْخذُ كُلّ سَفِينَة غَِصْبا ً)(الكهف: 79). وها هو فرعون أحد ملوك مصر الذين حملوا أنفسهم على رقاب الناس وأكتافهم، يبلغ به الطمع والحرص إلى أن يعدّ نفسه مالكاً لأرض مصر وأنهارها وما فيها من خيرات من دون مبرر ولا سبب; إلاّ الطمع وحب الاستئثار بكلّ شيء لوحده، فإذا به يتباهى بما في يده من ملك، ويتبجّح بما له من سلطان كما يقول القرآن عنه: (وَنادَى فِرْعَوْنُ فِى قَوْمهِ قَالَ يَاقَوْم ِأَليْسَ لِى مُلُكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِى مِنْ تَحتِى أَفَلاَ تُبْصِرُون)(الزخرف: 51). إنّ الملوكيّة بما أنهّا لا تنطلق من مقاييس وضوابط إلهيّة دينيّة، بل تنطلق من المقاييس الشخصيّة والتسلُّط الفرديّ; لا يمكن أن تلازم غير صفة الاستئثار والطمع في اموال الآخرين. فإذا كانت هذه هي طبيعة الملوك، وهذه هي سجيّتهم، فهل يسمح العقل ـفضلاً عن الشرع ـ بأن يفوّض إليهم مقدّرات الناس وأعراضهم وأموالهم ونفوسهم وما يملكون من حول وقوّة ؟!وهل يسمح العقل بأن يترك الأمر لتلك النفوس الجشعة والطبائع المنحرفة أن تتصرّف في شؤون الناس كيفما شاءت وارتأت ؟ وأن تتسلّط على رقاب الناس لتفعل ما تريد ؟. أجل; إنّ الملوكيّة بما أنّها نظام فرديّ يقوم على تغليب إرادة الفرد على الجماعة، وبما أنّها تحظى بالسيادة والحاكميّة دون أن تمتلك كفاءة الإدارة والحكم حسب الضوابط الإنسانيّة والأخلاقيّة بل تمارس ذلك بالقوّة والقهر والإرهاب; فمن الطبيعيّ أن تؤول إلى