( 51 ) الجشع والتفرعن والطغيان والاستكبار. . وهذا هو ما تثبته أحوال الملوك في الماضي والحاضر و في كلّ مكان من العالم. يقول العلامة الطباطبائيّ ـ في تفسير الميزان ـ في وصفه لطبيعة النظام الملكيّ والسلطة الملوكيّة تحت عنوان( من الذي يتقلّد ولاية المجتمع في الإسلام وما سيرته): ( إنّ هذه الطريقة ـ أي طريقة نظام الحكم الإسلاميّ ـ غير طريقة الملوكيّة التي تجعل مال اللّه فيئاً لصاحب العرش، وعباد اللّه أرقّاء له، يفعل بهم ما يشاء، ويحكم فيهم ما يريد، كما هي ليست من الطرق الاجتماعيّة التي وضعت على أساس التمتُّع الماديّ من الديمقراطيّة وغيرها، فإنّ بينها وبين الإسلام فروقاً بيّنةً تمنع من التشابه والتماثل. ومن أعظم هذه الفروق أنّ هذه المجتمعات لمّا بنيت على أساس التمتُّع الماديّ نفخت في قالبها روح الاستثمار والاستعباد، والاستكبار البشريّ الذي يجعل كلّ شيء تحت إرادة الإنسان وعمله، حتّى الإنسان بالنسبة إلى الإنسان، ويبيح له طريق الوصول إليه والتسلُّط على ما يهواه ويأمله منه لنفسه، وهذا بعينه هو(الاستبداد الملوكيّ) في الأعصار السالفة، وقد ظهرت في زيّ الاجتماع المدنيّ على ماهو نصب أعيننا اليوم من مظالم الملل القويّة وإجحافاتهم وتحكُّماتهم بالنسبة إلى الامم الضعيفة، وعلى ما هو في ذكرنا من أعمالهم المضبوطة في التاريخ. فقد كان الواحد من الفراعنة و القياصرة والأكاسرة يجري في ضعفاء عهده بتحكُّمه ولعبه، كلّ ما يريده ويهواه، ويعتذر ـ لو اعتذر ـ أنّ ذلك من شؤون السلطنة ولصلاح المملكة، وتحكيم أساس الدولة ويستدلُّ عليه بسيفه !!! )(1). إنّ الإمام عليّاً ـ عليه السلام ـ يتحدّث عن وضع الناس المأساويّ في ظلّ النظام الملكيّ، الكسرويّ والقيصريّ، اللّذين كانا يمثّلان أسوء مظاهر الملوكيّة التاريخيّة، وهو ـعليه السلام ـ يخبرنا: كيف أنّ الآكاسرة والقياصرة كانوا يعتدون على حقوق الناس الطبيعيّة ــــــــــــــــــــــــــــ 1- تفسير الميزان 4:131.