( 44 ) والتوراة;(1) لا يدخل هرقل مدينة حمص إلاّ أن نغلب و نجهد، فأغلقوا الأبواب وحرسوها، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود، وقالوا: إن ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا إلى ما كنّا عليه [من الظلم والحرمان ]وإلاّ فإنّا على أمرنا ما بقي للمسلمين عدد. فلمّا هزم اللّه الكفرة وأظهر المسلمين; فتحوا مدنهم، وأخرجوا المقلسين فلعبوا وأدّوا الخراج )(2). هذا; والشواهد والأمثلة التاريخية على هذا الموضوع أكثر من أن تحصى. وقد بلغ تسامح الدول الإسلاميّة في التاريخ حداً عجيباً; إذ أشرك المسيحيون وغيرهم في الأجهزة الحكوميّة، وهو يدل على العناية القصوى بغير المسلمين. وستوافيك هذه النصوص وغيرها عند البحث عن السلطة القضائية وحقوق الأقلّيات في الإسلام، وما ذكرناه هنا سوى لمحة عابرة اقتضاها المقام. الحكومات الجائرة ليس من الغريب أن تتبادر إلى أذهان البعض من شعوب الشرق ـ عند سماع اسم الحكومة ـ صورة مخيفة عن الحكومات الجائرة والحكام الجائرين، فإنّ شعوب هذه المنطقة عانت طوال قرون متمادية أسوأ أنواع الظلم والاضطهاد على أيدي الحكومات المستبدّة. ولذلك; سرعان ما يتبادر إلى أذهانهم صورة الحاكم القاهر، والأمير المتسلّط الذي يمتصُّ دماء الناس، وينهب أموالهم، ويتحالف مع أضرابه من الظـالمين ومع القوى الأجنبيّة لترسيخ دعائم عرشه. ولكنّ الغاية التي يتوخاها الإسلام; ليست هي ــــــــــــــــــــــــــــ 1- أي قسماً بالتوراة. 2- فتوح البلدان للبلاذري (المتوفّى سنة 279 هـ):143 ،وراجع أيضاً (الدعوة إلى الإسلام ) للسير توماس ارنولد.