( 38 ) وهو ـ عليه السلام ـ في موضع آخر يلخّص هدف الحكم الإسلاميّ في كلمتين لا أكثر; يقول ابن عبّاس: دخلت خيمة عليّ ـ عليه السلام ـ بذي قار، فوجدته يخصف نعله، فقال لي: "ما قيمة هذه النعل" ؟ فقلت:لا قيمة لها. فقال: "واللّه لهي أحبُّ إليّ من إمرتكم إلاّ أن أقيم حقّاً أو أدفع باطلاً"(1). ثمّ ها هو ـ عليه السلام ـ يوصي أحد ولاته بقوله: ". . . وأشعر قلبك الرّحمة للرّعيّة والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدّين أو نظير لك في الخلق"(2). فإذن ليست الحكومة في ظلّ الإسلام إلاّ الرحمة والمحبّة واللطف التي يجب أن تعمّ كلّ المواطنين، لا السبعيّة والغلظة التي تتّصف بها الحكومات غير الإسلاميّة. كما يمكن أن نعرف طبيعة الدولة الإسلاميّة من كلام الإمام الشهيد الحسين بن عليّ ـ عليه السلام ـ إذ يقول: "اللّهمّ، إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان، ولا التماساً من فضول الحطام ولكن لنري المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك"(3). إنّ المتخوّفين من قيام الدولة مطلقاً أو من قيام الحكومة الإسلاميّة خاصّةً; إمّا أنّهم يجهلون أهداف الحكومة الإسلاميّة، وإمّا أنّهم من ذوي السوابق السوداء والمطامع الرخيصة; فيرعبهم قيام الحكومة الإسلاميّة العادلة خيفةً من الفضيحة، أو خشيةً من العقاب. إنّ الدولة الإسلامية لاتشمل المواطنين المسلمين فقط; بعدلها ورحمتها ولطفها، بل تشمل من سواهم من أهل الملل الاخرى كاليهود والنصارى وغيرهم; بذلك حتّى ــــــــــــــــــــــــــــ 1- نهج البلاغة:الخطبة 32. 2- نهج البلاغة:الرسالة 53 لمالك الأشتر واليه على مصر. 3- تحف العقول:172، طبعة بيروت.