( 34 ) قال الإمام ـ عليه السلام ـ: "وهل العيش إلا هكذا" (1). إنّ الحريّة الصحيحة في نظر الإمام ـ عليه السلام ـ هو أن يستطيع الإنسان أن يختار عقيدته وولاءه بنفسه بعد أن يتبيّن له الرشد من الغيّ، ليستطيع في ظلّ الاختيار الإراديّ الصحيح; أن يسير في طريق التكامل الإنسانيّ المطلوب. إنّ الحكومة النابعة من إرادة الشعب فضلاً عن الحكومة التي يدعو إليها الإسلام; لاتهدف إلاّ حراسة مثل هذه "الحريّة المعقولة" التي تساعد المواهب والقابليات على التفتُّح والنموّ والتكامل، فلا مخالفة ولا منع ولا تحديد. هذا مضافاً إلى أنّ الحاكم في نظام الحكم الإسلاميّ بما أنّه من جانب اللّه سبحانه; لا يأمر ولا ينهى إلا بما أمر اللّه به أو نهى عنه، وهو تعالى لا ينهي عن شيء ولايأمر إلاّ بما فيه كمال الإنسان وارتقاؤه وتفتُّح مواهبه ونموّها، ودفع قابلياته واستعداداته إلى مرحلة الفعليّة والتحقّق، والنضج. وإليك شطراً من النصوص الإسلاميّة التي ترسم لنا بعض ملامح الحكومة التي ينشد الإسلام إيجادها وإقامتها، آخذين هذه النصوص من القرآن الكريم والأحاديث الإسلاميّة الصحيحة. ملامح الحكومة الإسلاميّة حسب النصوص: إنّ الحاكم الإسلاميّ ـ في منطق القرآن وحسب تشريعه ـ ليس مجرّد من يأخذ بزمام الجماعة كيفما كان، ويأمر وينهى بما تشتهيه نفسه، ويحكم على الناس لمجرّد السلطة وشهوة الحكم، بل هو ذو مسؤوليّة كبيرة وثقيلة أشار إليها القرآن الكريم بقوله: ( الّذِينَ إِنْ مَكّنّاهُمْ فى الأرْضِ أَقَامُوا الصّلاةَ وَءَاتَوُاْ الزّكاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلّهِ عَاقِبةُ الاُمُورِ)(الحج: 41). ــــــــــــــــــــــــــــ 1- الكافي 8:229.