( 659 ) "القضاء" أو في خصوص "التشريع والتقنين"، بل الحكم في هذه الآية ذو مدلول أوسع يكون "القضاء" من إحدى شؤونه، وما ذلك المعنى إلاّ السلطة والإمرة والحاكمية بمفهومها الوسيع التي تقوم بالسلطات الثلاث. هذا وفي مقدور القارئ الكريم أن يستظهر هذه الحقيقة، ونعني :انحصار الحاكمية في اللّه تعالى، من آيات أُخرى أيضاً غير ما ذكرناه في مطلع هذا المبحث، مثل قوله: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ)(1) (أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)(2) (لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(3) الولاية للّه سبحانه لا الإمرة والإدارة إنّ اختصاص حق الحاكمية باللّه سبحانه ليس بمعنى قيامه بإدارة البلاد وإقرار النظام وممارسة الإمرة وفصل الخصومة إلى غير ذلك مما يدور عليه أمر الحكومة، فإنّ ذلك غير معقول ولا محتمل، بل المراد أنّ من يمثّل مقام الإمرة في المجتمع البشري يجب أن يكون مأذوناً من جانبه سبحانه لإدارة الأُمور والتصرف في النفوس والأموال وأن تكون ولايته مستمدة من ولايته سبحانه ، ومنبثقة منها، ولولا ذلك لما كان لتنفيذ حكمه جهة ولا دليل. وإن شئت قلت: إنّ المقصود هو حصر الولاية التي تنبعث منها الحاكمية ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . الأنعام: 57. 2 . الأنعام: 62. 3 . القصص: 70.