( 658 ) أصبحت حكومته حكومة جور وعدوان. ولا نعني من عنوان "انحصار حق الحاكمية في اللّه" حصر الإمرة في اللّه بأن يتولّي هو سبحانه الإمرة على العباد، كما سيتضح ذلك، فإنّ للأنبياء والصلحاء وكل مأذون من قبله سبحانه أن يتولى الإمرة من جانب اللّه، بل المراد أنّ الولاية وحق الحكومة بالأصالة حق للّه سبحانه وإنّما يتصدى غيره بإذنه، وذلك مثل قوله: (قُلْ للّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً)(1)، أي بيده أمر الشفاعة من تعيين الشافع والمشفوع له، ومثله المقام فإنّ بيده زمام الحكومة، فهو يعين الحاكم ويعين له وظائفه وكيفية حكمه. وعلى هذا فالحاكمية خاصة باللّه تعالى ومنحصرة فيه، وهي من إحدى مراتب التوحيد. ولقد أشار القرآن إلى ذلك بقوله: (إِنِ الْحُكْمُ إلاَّ للّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).(2) إنّ المراد من الحكم في جملة (إِنِ الْحُكْمُ) هو الحاكمية القانونية التي تنبعث من الولاية الحقيقية المنبعثة من خالقيته ومالكيته سبحانه لا الحاكمية التكوينية بمعنى التصرف في الكون بالإيجاد والإعدام والإحياء والإماتة، وقد أوضحنا مفاد الآية في الفصل العاشر فراجع ص 606. نعم لا داعي لأن نحصر لفظة "الحكم" التي لها معنى وسيع في خصوص ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . الزمر: 44. 2 . يوسف: 40.