( 660 ) في اللّه سبحانه ، لا حصر الإمرة والتصدي لنظام البلاد وإقرار الأمن في المجتمع البشري، إلى غير ذلك من الشؤون. نعم لا مناص في إعمال الولاية للّه سبحانه من تنصيب من يباشر إدارة البلاد، إذ تستحيل ممارسة الحكم للّه بصورة مباشرة . ولأجل ذلك نجد أُمّة كبيرة من جنس البشر تولّوا منصة الولاية من جانب اللّه سبحانه وإذنه الخاص يديرون شؤون الحياة الاجتماعية للإنسان، وفي ذلك يخاطب اللّه نبيه داود ويقول: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ).(1) إنّ الآية وإن كانت واردة في تنصيب داود على القضاء ولكن نفوذ قضائه في زمانه كان ناشئاً عن ولايته وحاكميته الواسعة التي تشمل الحكم والإمرة بحيث يكون نفوذ القضاء من لوازمها وفروعها، فهو سبحانه لم ينصبه للقضاء فحسب، بل أعطى له الحكومة الواسعة بأبعادها، لأنّ نفوذ حكم القاضي غير ممكن من دون أن تكون له سلطة وحاكمية، ولم يكن القضاء في تلكم الأعصار منفصلاً عن سائر شؤون الحكومة كما هو الرائج في عصرنا وقد كان داود ـ عليه السَّلام ـ يتمتع بسلطة تامة واسعة تشمل التنفيذية والتشريعية ـ بمعنى بيان الأحكام عن طريق الوحي ـ والقضائية إذ يقول عنه القرآن: (وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَولاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْض لَفَسَدَتِ الأرْضُ).(2) ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . ص: 26. 2 . البقرة: 251.