( 657 ) لكن التسلط على الأموال والنفوس وإيجاد أي محدودية مشروعة بين الأُمّة يحتاج إلى ولاية بالنسبة، إلى المسلّط عليهم، ولولا ذلك لعدّ التصرف تصرفاً عدوانياً. ولا نعني بالولاية هنا ولاية الولي بالنسبة إلى الأيتام والقصّر والغيب، بل المقصود هو الولاية التي يحق معها أن يتصرف في شؤون المجتمع نفوساً وأموالاً وينظم أُمورهم ويعمّر بلادهم ويؤمن مجتمعهم، بالسلطات الثلاث ولولا ذلك لصار النظام طاغوتياً يحكم في المجتمع من كان غالباً وقاهراً فيجب علينا أن نعرف من له الولاية أصالة على العباد والبلاد. وبما أنّ جميع الناس سواسية أمام اللّه، والكل مخلوق ومحتاج إليه لا يملك شيئاً حتى وجوده وفعله وفكره، فلا ولاية لأحد على أحد بالذات والأصالة، بل الولاية للّه المالك الحقيقي للإنسان والكون والواهب له وجوده وحياته كما يقول سبحانه : (هُنَالِكَ الْولاَيَةُ للّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً) (1). (2) فقد ظهر من هذا البيان أنّ المقصود من حصر الحاكمية في اللّه هو حصر جذور الحاكمية وعللها المستتبعة لها، وهي الولاية فيه، فبما أنّ الولاية على العباد منحصرة في خالقهم فالحاكمية بمعنى الولاية منحصرة فيه سبحانه أيضاً، فلا يجوز لأحد أن يتولّى الحكومة إلاّ أن يكون مأذوناً ممن له الولاية الحقيقية وإلاّ ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . الكهف: 44. 2 . مجمع البيان : 3/472. والاستدلال بالآية على انحصار الولاية في اللّه سبحانه متفرع على أن يكون اسم الإشارة (هنالك) إشارة إلى الوقت الذي يتنازع فيه الكافر والمؤمن في هذه الدنيا وأن تكون الولاية بمعنى تولّي الأُمور فهو الذي يتولّى أمر عباده، وللأمين الطبرسي تحقيق حول كلمة الولاية في الآية فراجع.