( 654 ) الشائعات عن مقتل النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، وفي هذه اللحظة الحساسة التي شعر المسلمون فيها بفقدان الزعيم والقائد، خطرت في أذهان البعض فكرة العودة إلى الجاهلية والارتداد على الأعقاب، وراح هذا البعض يقول: لِمَ نحارب وقد مات رسول اللّه، فنزل القرآن يوبّخ من لهج بهذه الكلمة، وقال: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُـرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)(1). ولو أنّ شائعة مقتل النبي لم تكذب بظهوره ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ عند أصحابه ،لآل نظام المسلمين إلى التمزّق حتماً، ولانتهى الأمر بمقتل فريق وفرار آخرين في أسوأ نكسة عرفها التاريخ، فهل من الصحيح أن تهمل مسألة القيادة وهي بهذه الدرجة من الخطورة والأهمية في حياة الشعوب؟ وهل من الصحيح أن لا يقدم المسلمون على إيجادها لتنظيم حياتهم لكي يستتب الأمن والسلام؟ الاقتداء بسيرة النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان الرسول الأكرم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ إذا بعث سرية إلى الجهاد عيّن أُمراء متعددين لتلك السرية يتوالون على قيادتها، لكي لا تبقى دون آمر إذا أُصيب أحدهم، فتصبح كالقطيع بلا راع تنال الذئاب من أطرافها، وتتخطفها أيدي المخاطر من جوانبها. ولمّا كان القرآن الكريم يأمرنا باتّباع سيرة الرسول والاقتداء به وجعله قدوة وأُسوة، فيقول: ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . آل عمران: 144.