( 642 ) والإمرة، وعند ذلك يعد الأمر والنهي أمراً، ونهياً له وتعد المخالفة مخالفة له. والعجب أنّ صاحب المنار حصر إطاعة النبي في مورد الأحكام التي أمر اللّه رسوله أن يبلغها عنه حيث قال: قضت سنَّة اللّه بأن يبلغ عنه شرعه للناس رسل منهم وتكفل عصمتهم في التبليغ، ولذلك وجب أن يطاعوا في ما يبيّنون من الدين والشرع. مثال ذلك أنّ اللّه تعالى هو الذي شرع لنا عبادة الصلاة وأمرنا بها، ولكنّه لم يبيّن لنا في الكتاب كيفيتها وعدد ركعاتها ولا ركوعها ولا سجودها ولا تحديد أوقاتها، فبيّنها الرسول بأمره تعالى إيّاه بذلك في مثل قوله: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).(1) فهذا البيان بإرشاد من اللّه تعالى فاتّباعه لا ينافي التوحيد ولا كون الشارع هو اللّه وحده.(2) وضعف هذا الكلام ظاهر، إذ ليس للنبي الأكرم في هذا المضمار أي أمر ولا نهي، وإنّما هو مجرد مبلِّغ أو مذكِّر وليس له عليهم أية سلطة وسيطرة، وإليه يشير قوله سبحانه : (فَذَكِّر إِنَّمَا أَنْت مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِر).(3) نعم في مجال الحاكمية التي يحتل النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فيها دست الحكومة، يكون له الأمر والنهي. ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . النحل: 44. 2 . راجع تفسير المنار: 5/180. 3 . الغاشية: 21 ـ 22.