( 606 ) بأنّ مثل هذا الحق إنّما هو لمن يملك أزمّة الحياة البشرية برمّتها، الذي هو نوع من السلطة عليهم، وليس هو إلاّ اللّه تعالى دون سواه، قال سبحانه : (مَا تَعبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان إنِ الْحُكْمُ إلاَّ للّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).(1) لقد وردت جملة (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للّهِ) في آيتين من سورة يوسف، إحداهما الآية السابقة، والأُخرى في قوله تعالى: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُوا مِنْ بَاب وَاحِد وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَاب مُتَفَرِّقَة وَمَا أُغنِي عَنْكُمْ مِنَ اللّهِ مِنْ شَيْء إنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ).(2) غير أنّ المقصود من حصر الحاكمية باللّه سبحانه في الآية الأُولى هو الحاكمية التشريعية، كما أنّ المراد من حصرها به في الآية الثانية هو الحاكمية التكوينية. والدليل على ذلك هو مضامين الآيتين، فالآية الأُولى تهدف إلى أنّه لا يحق لأحد أن يأمر وينهى ويحرّم ويحل سوى اللّه سبحانه، ولأجل ذلك قال ـ بعد قوله ـ (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للّهِ): (أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ)، فكأنّ أحداً يسأل عن أنّه إذا كان الحكم مختصاً به سبحانه والتشريع خاصّاً به، فماذا أمر اللّه في مورد العبادة؟ فأجاب على الفور (أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ) . ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . يوسف: 40. 2 . يوسف: 67.