( 604 ) يخضع لضغوطها، ولكنه يعرفها تمام المعرفة، عقل لا ترتبط سعادته بنا، ولكنه مستعد لأن يعيننا في سعادتنا.(1). على هذا الأساس لا توجد في الإسلام أيّة سلطة تشريعية، لا فردية ولا جماعية، ولا يكون هناك مشرِّع إلاّ اللّه وحده. وأمّا المجتهدون والفقهاء فهم في الحقيقة ليسوا إلاّ متخصصين في معرفة القانون، وظيفتهم الكشف عن الأحكام بعد الرجوع إلى مصادرها، وبالتالي تطبيق الأحكام الشرعية على مصاديقها في بعض المجالات. فمن مراجعة الآيات القرآنية يثبت أنّ حق التشريع خاص باللّه فقط، ولا يحق لأحد ـ في النظام التوحيدي ـ أن يفرض رأيه على الآخرين فرداً كان أو مجتمعاً، وأن يدعوا الناس إلى الخضوع لها والأخذ بها. فالناس جميعاً ـ في النظام التوحيدي ـ متساوون كأسنان المشط، كما قال الرسول الأعظم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : "الناس كأسنان المشط".(2). فلا فضل لأحد على أحد، ولا امتياز . إنّ الإسلام كما لم يسمح لأحد بأن يختص بوضع القوانين دون سواه وحارب تلك الفكرة، كذلك حارب كل الطبقيات السائدة في الأنظمة الطاغوتية التي تضع بعض الطبقات فوق القوانين، فالجميع سواسية أمام القانون، كما عبّر عن ذلك الرسول الأعظم ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ إذ قال: ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . العقد الاجتماعي 2 . حديث مشهور.