( 44 ) بعضاً على آخر، ولم يعطها لفريق ويحرم منها آخرين. إنّما هي فطرة فطر عليها عامة البشر بلا استثناء إذ يقول: (فطرة اللّه التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق اللّه) . فلم يخلق جماعة على غريزة الإيمان، وجماعة أُخرى على غريزة الإلحاد. جماعة على الميل إلى الخير ، وجماعة أُخرى على الميل إلى الشر . كلاّ ، إنّما هي فطرة واحدة فطر عليها جميع الناس دون تمييز وتفضيل . إذ لا ريب أنّه لو لم يقم مجتمع ما على أساس مشترك لما أمكن سوقه إلى هدف الخلقة (ونعني به التكامل). فإذا كانت التعاليم الدينية بأُصولها ذات طابع فطري وصفة جبلية، فمن الأحرى أن تكون مسألة "معرفة اللّه والإيمان به" التي تعد أساس كل التعاليم الدينية أمراً فطرياً كذلك. تجلّـي الفطرة عند الشدائد من المعلوم أنّ فطرية الإيمان باللّه لا تعني بالضرورة أن يكون الإنسان متوجهاً إلى اللّه دائماً ملتفتاً إليه متذكراً إيّاه في جميع حالاته وآونة حياته اليومية، إذ رب عوامل تتسبب في إخفاء هذا الإحساس في خبايا النفس وحناياها وتمنع من تجليه، وظهوره على سطح الذهن، وفي مجال الوعي والشعور. وأمّا عند ما يرتفع ذلك الحجاب المانع عن الفطرة فالإنسان يسمع نداء فطرته بوضوح. أجل .. هذه حقيقة لا تنكر .. فعندما يواجه المرء حوادث مخيفة نجده