( 43 ) فقد صرح بذلك في آيات أُخرى مضافاً إلى ما سبق، إذ قال: (رَبُّنُا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) (1). (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى)(2). هذه الآيات تفيد ـ بوضوح كامل ـ أنّ اللّه زوّد كل كائنات هذا العالم ـ بشراً وغير بشر ـ بهداية فطرية تكوينية تتبين بموجبها طريقها في الحياة فتأخذ ما يناسبها وتدع ما لا يناسبها، وتعينها تلك الهداية الفطرية على معرفة ما هو مفيد لها وما هو مضر . وفي خصوص الهداية الفطرية التي زود بها البشر خاصة يقول القرآن الكريم : (وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)(3). (أَلَمْ نَجْعَل لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ* وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (4) . (مِنْ نُطْفَة خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبيلَ يَسَّرَهُ)(5). كل هذه الآيات حاكية عن أنّ جميع الموجودات ـ أعم من الإنسان وغير الإنسان ـ تعيش في ظل هداية تكوينية فطرية، هداية تقودها إلى الكمال المنشود المطلوب. والهادي للإنسان في هذا المسير إنّما هو خلقته وتكوينه. وجميع البشر سواسية في هذه الموهبة الإلهية المعنوية ونعني الهداية الفطرية فلم يفضل اللّه فيها 1 . طه: 50. 2 . الأعلى: 2 ـ 3. 3 . الشمس: 7 ـ 8. 4 . البلد: 8 ـ 10. 5 . عبس: 19 ـ 20.