( 45 ) يتوجه إلى اللّه، ويستنجد به بحكم فطرته طالباً منه تيسير عمله، وتسهيل أمره. عندما تقع للإنسان حوادث خطيرة كهجوم الأمواج العاتية على السفينة التي يركبها في عرض البحر، أو حدوث عطل فني في الطائرة التي يمتطيها في الجو، أو انحراف السيارة التي يستقلها، أو يتعرض لهجوم سيل كاسح على قريته أو مدينته. أقول: عندما يواجه الإنسان أحد هذه المخاطر نراه يتوجه من فوره ـ وبصورة تلقائية فطرية ـ إلى اللّه، وتحدث لديه حالة عرفانية قلبية، يطلب فيها من اللّه سبحانه الخلاص والنجاة. ففي هذه الحالة صار الخوف مذكراً له بنداء الفطرة وكاشفاً عنها لا موجداً للإيمان باللّه. فلا يصح لنا أن نستنتج من توجه البشر إلى اللّه في هذه الحالة وفي هذه اللحظات من حياته بأنّ الإيمان وليد الخوف والرهبة من الطبيعة الغاضبة كما يدعي الماركسيون ومن حذا حذوهم بل الخوف مجرد وسيلة تكشف الغطاء عن ذلك الإيمان المغروس في أعماق البشر ، المودوع في الفطرة بيد الخالق العظيم. إنّ غريزة حب الجمال واكتناز الثروة وطلب العلم رغم أنّها أُمور مجبولة مع فطرتنا ومعجونة مع خلقتنا فهي لا تظهر ولا تتفتّح ولا تبرز في كل الأوقات والظروف، ولا تتجلّـى في عالم الذهن في كل الأزمنة والأحوال ما لم تتهيّأ الظروف المناسبة لها في وجودنا. وكذلك تكون غريزة التديّن وفطرة الإيمان باللّه. وها هو القرآن الكريم يذكرنا بهذه الحقيقة فيخبرنا كيف أنّ فريقاً من البشر