( 41 ) ويقولون: كما أنّ الإنسان يحب الخير فطرياً، أو يكره الشر فطرياً كذلك يبحث عن اللّه فطرياً وذاتياً، ويريد معرفة ما وراء الطبيعة فطرياً أيضاً، وما كل ذلك إلاّ لأنّ البحث عن اللّه والتفتيش عن الخالق أمر جبل عليه الإنسان وفطر عليه تكوينه وعجنت به سريرته، فإذا به يميل إلى الإذعان باللّه ذاتياً بينما يكره الإلحاد ونكران اللّه ذاتياً كذلك. وفي هذا الباب نواجه نوعين من الآيات : نوعاً يعتبر التعاليم الدينية بأُصولها (من عقيدة وعمل) قضايا فطرية مغروسة في جبلة البشر وخلقته، فإذا هي (أي هذه التعاليم) ليست سوى نداءات الضمير، ومحاكاة للفطرة . ونوعاً آخر يصرح بأنّ الإيمان باللّه و التوجه إليه في الشدائد من الأُمور الفطرية التي ولدت مع الإنسان . وإليك فيما يلي كلا النوعين من الآيات : التعاليم الدينية أُمور فطرية قال اللّه تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلّدِينِ حَنِيفاً فِطْرةَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (1). ففي هذه الآية لم تجعل مسألة "معرفة اللّه والإيمان به" فقط أمراً، فطرياً بل وصف الدين بأُصوله (والتي تعني تلك الأُصول والكليات التي تؤلّف أساس 1 . الروم: 30.