( 36 ) تلك التغيّـرات والتحوّلات. أمراً واحداً بالغ البشر في حفظه وصيانته وتوسيع دائرته ألا وهو: موضوع "الدين"، والإيمان بما وراء المادة الذي لم يعرف فيه مللاً ولا فتوراً ولا إعراضاً. هذا القدم في الوجود وهذه الأصالة كاشفة ولا شك عن أنّ "التديّن" والدين يعتبر من العناصر التي تؤلِّف ذات الإنسان وتعد من غرائزه الأصيلة وحاجاته الروحية والنفسية التي كانت لا تزال معه بحيث لم تتسلل إليها يد التغيير والتبديل. يقول "ويل دورانت" المؤرّخ المعاصر : صحيح أنّ بعض الشعوب البدائية ليس لها ديانة على الظاهر فبعض قبائل الأقزام في إفريقية لم يكن لهم عقائد أو شعائر دينية على الإطلاق، إلاّ أنّ هذه الحالات نادرة الوقوع ولا يزال الاعتقاد القديم بأنّ الدين ظاهرة تعم البشر جميعاً اعتقاداً سليماً وهذه في رأي الفيلسوف حقيقة من الحقائق التاريخية والنفسية. ثم يقول: إنّ الفيلسوف معني بمسألة العقيدة الدينية من حيث قدم ظهورها ودوام وجودها(1). ويقول العالم الاجتماعي المعروف "صموئيل كونيك" في بعض كلماته حول جذور الدين في الأسلاف من البشر: إنّ أسلاف البشر المعاصر ـ كما تشهد آثارهم التى حصل عليها في 1 . قصة الحضارة: 1/99.