( 34 ) كيفما فسرنا الأُمور الدينية وكيفما تصورناها، فإنّ للدين سابق عهد في الحياة البشرية وله دور فعلي الآن، ولا ريب أنّه سيكون له ذلك في المستقبل أيضاً. إنّ كون الآيديولوجية (إلهية) وكون المنهج إلهياً لا يعني أنّ نوجه عنايتنا إلى ما "وراء الطبيعة" ونتجاهل عالم المادة ونهمل دنيا الطبيعة، بل انّ الفارق بين "الإلهي" و "المادي" هو أنّ الإلهي يجعل معرفته بالطبيعة سبيلاً إلى معرفة (ما وراء الطبيعة) هذا إلى جانب الاستفادة الكاملة والمعقولة من عالم الطبيعة والمادة، في حين يقتصر المادي على الاستفادة من الطبيعة ويجعلها هدفه الوحيد، وغايته القصوى، ويحبس نفسه في سجن المادة دون أن يحاول التحليق إلى آفاق ما وراء الطبيعة كما يفعل المادي. علماء الاجتماع وأصالة التديّن يذهب علماء الاجتماع المحقّقون المحايدون إلى أنّ للاعتقاد والإيمان باللّه جذوراً عميقة، وتاريخاً عريقاً في حياة الإنسان، بحيث لم يحدث للبشر حذف الدين من منهاج حياته ولا حتى لبرهة عابرة من الزمن. أمّا البلاد الشيوعية التي حذفت الإيمان باللّه من برنامج حياتها، وتظاهرت بالإلحاد والكفر وإنكار الخالق وبكل ما يتعلق بما وراء الطبيعة "الميتافيزيقا" فلها تراجيديا واسعة سنشير إليها في خاتمة البحث. والآن إلى البحث حول أصالة التديّن وتجذّره في تاريخ البشر : إنّ حياة البشر على هذا الكوكب كنز غني وثمين متاح للإنسان المعاصر والقادم. ولكل فرد من أبناء البشر حسب رؤيته، وتبعاً لمقدار معلوماته وتخصصه