( 32 ) الدينية لا ولن ترتفع أو تزول، وأنّ من المستحيل أن تسعد البشرية وتنال الرفاه المنشود ورغد العيش دون الأخذ بالدين، ودون التوجّه إلى اللّه، و أنَّها على فرض حصولها على العيش الرغيد في معزل عن الدين، فإنّها ـ ولا ريب ـ ستواجه مشكلات جديدة لا يمكن حلها وعلاجها بأدوات التطور العلمي المادي والتقدم الصناعي، والتكنولوجي. لأنّه ما الذي سيمنع ـ في ظل الأنظمة المعتمدة على العلم المجرّد عن الدين ـ من بروز الحروب المبيدة الساحقة، واندلاع المعارك المدمرة؟ أم أي نظام حقوقي سيكون قادراً على تلبية كل احتياجات الإنسان الحقوقية ومعالجة كل المشكلات الطارئة على العلاقات الاجتماعية ؟!! لقد أصبح عرض المبادئ والنظريات الفجة مع انتحال صفة "الآيديولوجية" لها، شعار هذاالعصر، ولكن الواقع العملي أثبت أنّ كل هذه المبادئ والنظريات وما يسمّى بـ "الآيديولوجيات التقدمية" عجزت، وفشلت، وسقطت على صعيد التطبيق السياسي والاجتماعي والأخلاقي، وعجزت عن تقديم نموذج أعلى للحياة وطريقة فضلى للعيش، فإذا بنا نجدها تختفي عن المسرح الواحدة تلو الأُخرى وبسرعة، مسلمة نفسها إلى يد النسيان والفناء، والاندحار . فالماركسية التي جعلت "الاقتصاد" مبدأ حركة التاريخ وغايته ومحور كل التحولات الاجتماعية لم تستطع ـ أبداً ـ أن تروي عطش الإنسان إلى القضايا الروحية والمعنوية ولم تستطع أن تشبع تلك الجوعة المتأصلة في كيان الكائن البشري إلى ما وراء المادة، وبالتالي عجزت الماركسية عن الإجابة على أبسط الأسئلة في هذا المجال!!