( 31 ) هزيمة التكنولوجيا والحياة الآلية في التحوّل العلمي الأخير للغرب انطلق المكتشفون والمخترعون يعدون العالم البشري بأنّه لو تم لهم اكتشاف الضوابط والسنن المتحكمة في دنيا المادة، ولو تم لهم الوقوف والاطّلاع على العلاقات السائدة بين الظواهر الطبيعية وبالتالي لو أمكنهم أن يكبحوا جماح غول الجهل الذي يطارد البشرية دونما رحمة. لو تم لهم كل ذلك لاستطاع البشر أن يحصلوا على "المدينة الفاضلة" التي وعد بها إفلاطون، بل لاستطاعوا أن يحصلوا على الجنّة التي طالما تحدث عنها الأنبياء، وأخبر بها الرسل !! ولم يعد بعد ذلك أيّة حاجة إلى الدين والتعاليم الدينية !! فالتقدّم العلمي والتكنولوجي وحده كفيل بأن يحقق للإنسانية ما يليق بها من العزة والكرامة والسعادة!! هذا ما كان يتحدّث عنه. بيد أنّه الحوادث المريعة التي شهدتها أوائل وأواسط القرن الأخير والتي بلغت ذروتها في الحربين العالميتين اللتين كان مجموع ضحاياهما ما يزيد عن المائة مليون إنسان ما بين قتيل وجريح ومفقود الأثر . هذه الحوادث أفرغت اليأس في قلوب كل أُولئك المتشدّقين وفنّدت مزاعمهم، وأثبتت بقوّة بأنّ عهد الدين لم يول بعد، وأنّ الحاجة إلى التعاليم