( 21 ) التوحيد في الولاية ولا نعني من الولاية "الولاية التكوينية" أي الربوبية والتدبير، بل المراد "الولاية التشريعية" وتنظيم شؤون الفرد والمجتمع في عامّة مجالات الحياة. والولاية بهذا المعنى تعني الأمارة، ولها مظاهر ثلاثة: 1. التوحيد في الحاكمية ولقد وجّه القرآن الكريم عناية خاصة إلى " التوحيد في الحاكمية" بحيث يتبيَّن بوضوح أنّ الحكم والولاية في منطق القرآن ليس إلاّ للّه تعالى وحده، وانّه لا يحق لأحد أن يحكم العباد دونه، وأنّه لا شرعية لحاكمية الآخرين إلاّ إذا كانت مستمدة من الولاية والحاكمية الإلهية وقائمة بأمره تعالى، وفي غير هذه الصورة لن يكون ذلك الحكم إلاّ حكماً طاغوتياً لا يتصف بالشرعية مطلقاً ولا يقرّه القرآن أبداً. على أنّنا حينما نطرح هذا الكلام ونقول: بأنّ الحكم محض حق للّه وأنّ الحاكمية منحصرة فيه دون سواه فليس يعني ذلك أنّ على اللّه أن يباشر هذه الحاكمية بنفسه، ويحكم بين الناس ويدير شؤون البلاد دونما واسطة، ليقال إنّ ذلك محال غير ممكن، أو يقال إنّ ذلك يشبه مقالة الخوارج إذ قالوا للإمام علي ـ عليه السَّلام ـ رافضين حكمه و إمارته: "أن الحكم إلاّ للّه، لا لك يا علي، ولا لأصحابك"(1). بل مرادنا هو: أنّ حاكمية أيِّ شخص يريد أن يحكم البلاد والعباد لا بد أن ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . كان هذا شعار الخوارج يردّدونه في المسجد وغيره.