( 20 ) أنّهم كانوا سيعبدونه ـ حتماً ـ حتى ولو لم يك هناك العامل والملاك الآخر للعبادة، في حين أنّ الآخرين إنّما يعبدون "اللّه" لكونه خالقهم، ومصدر وجودهم وسابغ الأنعم عليهم، وواهب القدرة والطول لهم، ولأنّ بيده مفتاح كل شيء وناصية كل موجود(1). على كل حال سواء كان الأولى هو الأخذ بالملاك الأوّل للعبادة أم الثاني، فإنّ العبادة بكلا الملاكين المذكورين مخصوصة باللّه وليس معه في ذلك شريك، لعدم وجودهما في غيره تعالى. وبذلك تكون عبادة غير اللّه أمراً مرفوضاً بشدة في منطق العقل والشرع على السواء. كان هذا هو مقصود علماء الإسلام من مراتب وأقسام التوحيد الأربعة، التي ذكرناها باختصار وسنذكرها مفصّلة، كما سنذكر غيرها من مراتب التوحيد في الصفحات القادمة مع استعراض الآيات الدالة عليها إن شاء اللّه . غير أنّنا مع تقديرنا لما قام به أُولئك العلماء والمحقّقون المسلمون من خدمات علمية جليلة على هذا الصعيد نقول: إنّ مراتب التوحيد ـ حسب نظر القرآن ـ لا تنحصر في ما ذكروه من المراتب، بل يستفاد من آيات الكتاب العزيز أنّ هناك مراتب توحيدية أُخرى يمكن استنباطها واستفادتها من القرآن ، من الصعب، ادراجها تحت المراتب الأربع المذكورة . وإليك فيما يلي هذه المفاهيم باختصار : ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . هناك عوامل أُخرى للعبادة سيوافيك بيانها في موضعه.