( 19 ) "الكمال المطلق". ونعني ببلوغ أقصى درجات الكمال ومراتبه أن يتحلّـى ـ مثلاً ـ بالوجود اللامتناهي الذي لا يشوبه عدم، والعلم اللامحدود الذي لا يخالطه جهل، والقدرة المطلقة التي لا يمازجها عجز أو عيّ. فهذه الأُمور هي التي تدفع كل ذي وجدان سليم وضمير حي إلى التعظيم والخضوع لصاحبها وإظهار العبودية أمام ذلك الكمال المطلق. 2. أن يكون ذلك المعبود بيده مبدأ الإنسان ومنشأ حياته فيكون خالقه وواهب الجسم والروح له ومانح الأنعم والبركات إياه ومسبغها عليه بحيث لو قطع عنه فيضه لحظة من اللحظات عاد عدماً واستحال خبراً بعد أثر. ترى هل يتوفر هذان الوصفان في أحد غير اللّه ؟ وهل سواه يتصف بأكمل الكمال؟ أم هل سواه منح للأشياء وجودها وخلق الإنسان ويسر له سبل الحياة؟ وهل سواه المبدأ الفياض الذي لو وكل الحياة إلى ذاتها، وترك الإنسان لنفسه آناً من الآونة صارت الحياة كأن لم تكن؟ هذا والجدير بالذكر أنّ عبادة الأنبياء والأئمّة والأولياء الصالحين للّه سبحانه لم تكن إلاّ لـ (كمال) ذلك المعبود المطلق. فهم لمعرفتهم الأفضل، واطّلاعهم الأعمق على عالم الغيب عبدوا اللّه سبحانه لما وجودوا فيه من الجمال المطلق، والكمال اللامحدود، ولأجل أنّهم وجدوه أهلاً للعبادة، والتقديس والخضوع والتعظيم فعبدوه وقدسوه وخضعوا له وعظموه. أجل لذلك فحسب وليس لسواه عبدوه، وأعطوه بلاءهم وولاءهم، حتى