[ 413 ] وقال ابن شهاب: كان سلف المؤمنين على جواز شهادة كل ذي قرابة لمن تقرب منه وعليه حتى دخل الناس فيما بعدهم وظهرت منهم أمور حملت الولاة على اتهامهم فتركت شهادة من يتهم إذا كان من أقربائهم. والاعتماد في المنع من شهادة الاقارب على التهمة التى تلحق لاجل النسب غير صحيح، لانه يلزم على ذلك أن لاتقبل شهادة الصديق لصديقه ولا الجار لجاره، لان التهمة متطرقة. على أن العدالة مانعة من التهمة وحاجزة عنها. وما روي عن النبي عليه السلام من أنه لا يجوز قبول شهادة المتهم والخصم والخائن والاجير له ما لم يفارقه ولا شهادة من خالف من أهل البدع وان كان على ظاهر السنن والعفاف. فليس ذلك مستخرجا من اجتهاد أو عفاف، وانما هو أيضا نص الهي به. ويمكن أن يستدل من الايات المتقدمة على ذلك، وقال تعالى (وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)، فبين عليه السلام كما علمه الله تعالى. (فصل) أما شهادات القرابات بعضهم لبعض إذا كانوا عدولا فقد ذكرنا أن دليلنا قوله تعالى (واشهدوا ذوي عدل منكم)، فشرط - كما ترى - العدالة وأن يكون من جملة المؤمنين بقوله (منكم)، لا أن يكون عدلا عند نحلته وأهل ملته ولم يشترط سواها ويدخل في عموم هذا ذو القرابات كلهم. وقوله (واستشهدوا شهيدين) يدل أيضا على هذه المسألة. وما يقول المخالف: الولد جزء من أبيه، فكأنه شهد لنفسه إذا شهد لما هو بعضه. فهذا غير محصل، لان الولد - وان كان مخلوقا من نطفة أبيه - ليس ببعض له على الحقيقة، بل لكل واحد منهما حكم يخالف حكم صاحبه. وكذلك يسترق ________________________________________