[ 412 ] وهذا الوجه فيه بعد، لان النبي لايجور في الحكم ولا يميل إلى أحد الخصمين، سواء كان غنيا أو فقيرا، لان ذلك ينافى عصمته. فعلى هذا لا بأس بشهادة الاخ لاخيه وعليه، وشهادة الوالد لولده وعليه، وشهادة الرجل لزوجته وعليها، وكذا لا بأس بشهادتها له وعليه فيما يجوز قبول شهادة النساء فيه إذا كان مع كل واحد منهم غيره من أهل الشهادة. ولاتقبل شهادة واحد منهم لصاحبه مع يمينه كما جاز مع الأجنبي، فأما شهادة الولد لوالده وعليه فالمرتضى يجيزها أيضا على كل حال، وإذا كان معه غيره من أهل الشهادات فظاهر الاية معه. وان كانت شهادة الانسان على نفسه مجازا لانها اقرار على نفسه، وشهادته على أقربائه والوالدين حقيقة، فان الكلمة الواحدة تذكر ويراد بها الحقيقة والمجاز معا إذ لا مانع. وجمهور فقهائنا ايضا على ذلك، لعموم الايتين اللتين قدمناهما، الا شهادة الولد على والده فانهم لا يجوزونها لخبر يروونه. وعذرهم في تأويل هذه الاية ماروي عن ابن عباس أنه قال: ان الله تعالى امير المؤمنين بهذه الاية أن يقولوا الحق على أنفسهم أو آبائهم أو ابنائهم لا يميلون إلى غني لغناه ولا إلى فقير لفقره. قالوا: وهذا أولى، لانه أليق بالظاهر على كل وجه من غير عدول عنه، وهو أمر بقبول الحق وفعله وملازمة العدل والامر به. (فصل) ومما يؤكد القول الاول ماروي عن الحسن انه قال: يعنى بالاية الشهادة خاصة، وقوله (ولو على أنفسكم) أي ولو كانت شهادتكم تضر في الحال انفسكم في الحال أو المآل، لان على يقتضي ذلك. ومعنى (كنوا شهداء لله) أي ليكن شهادتكم لاجل رضاء الله ولما أمر الله به وهو القسط. ________________________________________