( 22 ) و من هذا البيان يتضح المراد من قول فرعون: "أنَا ربُّكُمُ الاَعلى" (النازعات|24). ز: "فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّمواتِ وَالاََرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دونهِ إلهاً" (الكهف|14). إنّالفتية الّذين فرّوا من ذلك الجوّ الخانق الذي أوجدته طواغيت ذلك الزمان، كانوا جماعة يسكنون في مجتمع يعتقد بأُلوهية غير اللّه، و لكن أُلوهية غير اللّه ـ في ذلك المجتمع ـ لم تكن بصورة تعدد الخالق، خاصة أنّواقعة أهل الكهف حدثت بعد ميلاد السيد المسيح حيث كانت عقول البشرية و أفكارها قد تقدمت في المسائل التوحيدية بشكل ملحوظ وحظت من الرقى بمقدار معتد به، و لم يكن يعقل ـ في ظلّهذا الرقي الفكري ـ وجودُمجتمعٍ منكرٍ لخالقية اللّه، أو مشرك فيها فلابدّ أن يقال إنّشركهم يرجع إلى أمر آخر و هو الاعتقاد بتعدد المدبر. ح: إنّالبرهان الواضح على أنّمقام الربوبية هو مقام المدبرية و ليس الخالقيّة كما يتوهم، هو الآية المتكررة في سورة "الرحمن". "فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبان" . فقد وردت هذه الآية في السورة المذكورة 31 مرة و جاءت لفظة "ربّ" جنباً إلى جنب مع لفظة " آلاء"التي تعني النعَم و غير خفي أنّ التذكير باسباغ النعم مرّة بعد أُخرى يناسب مقام التربية و التدبير فإرداف ذكرها، بذكر الربشاهد على أنّ اللفظ بمعنى المدبّر والمدير والمربّي والمصلح. لا الخالق والموجد. و إن شئت قلت: إنّذكر النعم (التي هي من شعب التربية الاِلهية التي يُوليها سبحانه للبشر) يناسب موضوع التربية والتدبير الذي تندرج فيه إدامة النعم و إدامة الاِفاضة.