( 21 ) الربوبية بمعنى الخالقية استلزم ذلك أن يكون في تلك البيئة من يخالفون النبيّ في الخالقية، و لكن الفرض هو عدم وجود أيّ اختلاف في مسألة "توحيد الخالقية" في عصر الرسالة فلم يكن المشركون في ذلك العصر مخالفين في هذه المسألة ليُعتبروا مخالفين للميثاق المذكور، فلا محيص ـ حينئذٍ ـ من أنّالخلاف كان ـ آنذاك ـ في مسألة تدبير العالم و إدارة الكون. و بهذا التقرير يكون معنى الربّ في الآية المبحوثة هنا هو المدبّر. هـ: "أتقتلُونَ رجُلاً أنْ يقوَل ربِّي اللّهُ و قد جاءكُمْ بالبيِّنات منْ ربِّكُمْ" (غافر|28). تتعلق هذه الآية بموَمن آل فرعون الّذي كان يدافع عن النبيّموسى عليه السَّلام وراء قناع النصيحة و الصداقة لآل فرعون ويسعى تحتَ ستار الموافقة لهم أن يدفع الخطر عن ذلك النبيّ العظيم.وأمّا دلالتها على كون الربّ بمعنى المدبّر فواضحة، لاَنّ فرعون ما كان يدّعي انّه خالق الاَرض و السماء ولا الشركة مع اللّه سبحانه فيخلق العالم و إيجاده، و هذه حقيقة يدلّ عليها تاريخ الفراعنة أيضاً. و في هذه الصورة يجب أن يكون المراد من دعوة النبيّموسى بقوله: ربّي اللّه، هو حصر "التدبير" في اللّه سبحانه لا مسألة الخلق. ولو كانت تتعلق بمسألة الخلق والاِيجاد لما كان بينه و بين فرعون أيّخلاف و نزاع، إذ المفروض أنّ فرعون كان يعترف بخالقية اللّه ـ كما أسلفنا ـ هذا مضافاً إلى أنّاللّه تعالى يقول في الآية السابقة لهذه الآية. و : "ذَرُوني أقتلْ مُوسى و لْـيَدعُ ربَّهُ إنّي أخافُ أنْ يبدِّلَ دينَكُمْ" (غافر|26). فانّ التوحيد في الخالقية لم يكن موضع خلاف لتكون دعوة موسى لبني إسرائيل سبباً لاَيّ تبدّل و تبديل.