( 20 ) فانّ لفظة الربّ في هذه الآية ليست بمعنى "الخالق" و ذلك على غرار ما قلناه في الآية المتقدمة المشابهة لما نحن فيه، إذ لو كان الربّ بمعنى الخالق لما كان لذكر جملة "الّذي خلقكم" وجه، بخلاف ما إذا قلنا بأنّالربّ يعني المدبّر فتكون جملة: "الّذي خلقكم" علّة للتوحيد في الربوبية إذ يكون المعنى حينئذٍ هو: انّالّذي خلقكم، هو مدبّركم. ج: "قُلْ أَغَيْرَاللّهِ أَبْغي رَبّاً وَ هُوَ رَبُّ كُلّ شَيْءٍ" (الاَنعام|164). وهذه الآية حاكية عن أنّمشركي عصر الرسالة كانوا على خلاف مع الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسألة الربوبية على نحو من الاَنحاء وانّالنبي الاَعظم كان مكلّفاً بأن يُفنّد رأيهم و يبطل عقيدتهم ولا يتخذ غير اللّه ربّاً على خلاف ما كانوا عليه. و من المحتّمأنّخلاف النبي مع المشركين لم يكن حول مسألة "التوحيد في الخالقية" بدليل أنّالآيات السابقة تشهد من غير إبهام بأنّهم كانوا يعترفون بأنّه لا خالق سوى اللّه تعالى، و لذلك فلا مناص من الاِذعان بأنّالخلاف المذكور كان في غير مسألة الخالقية، و ليس هو إلاّمسألة تدبير الكون، بعضه أو كلّه. د: "أَلَسْتُ بِرَبّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَومَ القِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلينَ" (الاَعراف|172). فقد أخذ اللّه في هذه الآية ـ من جميع البشر ـ الاِقرار بالتوحيد الربوبي و كانت علّة ذلك هي ما ذكره من أنّه سيحتج على عباده بهذا الميثاق يوم القيامة كما يقول: "أوْ تَقُولُوا إنَّما أشركَ آباوَنا مِنْ قبلُ وَ كُنّا ذُريّةً من بعدِهمْ أفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ" (الاَعراف|173). إذا تبيّن هذا فنقول: إنّنزولَ هذه الآية في بيئة مشركة، دليل ـ و لا شكّ ـ على وجود فريق معتد به في تلك البيئة كانوا يخالفون هذا الميثاق، فإذا كانت