( 19 ) كما ادعى هذا الفريق.(1) نعم كان فريق من مثقفي الجاهليين يعتقدون بعدم وجود مدبّر سوى اللّه و لكن كانت تقابلهم جماعات كبيرة ممن يعتقدون بتعدد المدبر والتدبير، و هي قضية تستفاد من الآيات القرآنية مضافاً إلى المصادر التاريخيّة. و هنا نلفت نظر الوهابيين الذين يسمّون التوحيد في الخالقية، بالتوحيد في الربوبية إلى الآيات التالية حتى يتضح لهم أنّالدعوة إلى التوحيد في الربوبية لا تعني الدعوة إلى التوحيد في الخالقية بل هي دعوة إلى "التوحيد في المدبّرية"والتصرف، و قد كان بين المشركين في ذلك العصر من كان يعاني انحرافاً من التوحيد الربوبي، و يعتقد بتعدد المدبِّر رغم كونه معتقداً بوحدة الخالق. و لايمكن ـ أبداً ـ أن نفسر الربّفي هذه الآيات بالخالق والموجد. و إليك بعض هذه الآيات. أ: "بَل ربُّكُمْ رَبُّ السَّمواتِ وَالاََرض الّذي فَطرهنّ" (الاَنبياء|56). فلو كان المقصود من الربّهنا هو الخالق و الموجد، لكانت جملة "الّذي فطرهن" زائدة بدليل أنّنا لو وضعنا لفظة الخالق مكان الربّ في الآية للمسنا عدم الاحتياج ـ حينئذٍ ـ إلى الجملة المذكورة (أعني:" الذي فطرهن"). بخلاف ما إذا فسّـر الربّ بالمدبّر و المتصرّف، ففي هذه الصورة تكون الجملة الاَخيرة مطلوبة، لاَنّها تكون ـ حينئذٍ ـ علّة للجملة الاَُولى، فتعني هكذا: إنّخالق الكون ، هو المتصرف فيه و هو المالك لتدبيره و القائم بإدارته، لاشخص آخر فلماذا فرقتم بين الخالق والربّو لماذا حصرتم الخالقية في اللّه سبحانه، و أعطيتم الربوبية لغيره. ب: "يا أَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبّكُمُ الّذي خَلَقَكُمْ" (البقرة|21). ____________ (1) سيوافيك عقائد المشركين في ربوبيّة الآلهة في الفصل الآتي.