( 14 ) فلو فسر الاِله في الآية بالمعبود لزم الكذب، إذ المفروض تعدد المعبود في المجتمع البشري، و لاَجل دفع هذا ربما يقيد الاِله هنا بلفظ "الحقّ" أي المعبود الحقّ إله واحد. ولو فسرناه بالمعنى البسيط الذي له آثار في الكون من التدبير والتصرف، و إيصال النفع ، و دفع الضرّ على نحو الاستقلال لصحّ حصر الاِله ـ بهذا المعنى ـ في واحد بلا حاجة إلى تقدير كلمة بيانية محذوفة إذ من المعلوم أنّه لاإله في الحياة الاِنسانية و المجتمع البشري يتصف بهذه الصفات التي ذكرناها إلاّ اللّه سبحانه. ولا نريد أن نقول: إنّلفظ "الاِله" بمعنى الخالق المدبّر المحيي المميت الشفيع الغافر، إذ لا يتبادر من لفظ "الاِله" إلاّالمعنى البسيط.بل هذه الصفات عناوين تشير إلى المعنى الذي وضع له لفظ الاِله. و معلوم أنّكونَ هذه الصفات عناوين مشيرة إلى ذلك المعنى البسيط، غيرُ كونها معنى موضوعاً له الّلفظ المذكور كما انّ كونه تعالى ذو سلطة على العالم كله أو سلطة مستقلة غير معتمدة على غيره، وصف نشير به إلى المعنى البسيط الذي نتلقاه من لفظ "اللّه"، لا أنّه نفس معناه. إلى هنا ـ أيّـها القارىَ الكريم ـ قد وقفت على معنى الاِله، و الاَُلوهية، وانّه ليس الاِله بمعنى المعبود بل المراد منه نفس المراد من لفظة "اللّه" لا غير، إلاّ أنّ أحدهما علم، والآخر كلّـي. نعم ربما يفسّر الاِله بمعنى المعبود و لكنّه تفسير باللازم فانّ من اتخذ أحداً إلهاً لنفسه فانّه يعبده قهراً و يفزع إليه عند الشدائد، و تسكن نفسه عند ذكره إلى غير ذلك من اللوازم والآثار للاِله و هذا لا يسوِّغ لنا أن نفسر الملزوم بكلّ لازم له. إلى هنا خرجنا بالنتيجة التالية: إنّاللفظين واحد مبدءاً و معنًى، و إنّالمفهوم من لفظ "إله" هو المفهوم من لفظ الجلالة ولا فرق بينهما سوى في الجزئية و الكلّية.