( 13 ) اختلال في الكون. وأدلّ دليل على ذلك هو المشاهدة. فإنّفي العالم آلهة متعددة، و قد كان في أطراف الكعبة المشرفة ثلاثمائة و ستون إلهاً و لم يقع أيّفساد و اختلال في الكون. فيلزم على من يفسر (الاِله) بالمعبود ارتكاب التكلّف بما ذكرناه في الآية المتقدمة. 3ـ "قُل لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابتغَوْا إلى ذِي الْعَرْش سَبِيلاً" (الاِسراء|42). فانّابتغاء السبيل إلى ذي العرش من لوازم تعدد الخالق أو المدبّر المتصرف أو من بيده أزمّة أمور الكون أو غير ذلك ممّا يرسمه في ذهننا معنى الاَُلوهية، و أمّا تعدد المعبود فلا يلزم ذلك إلاّ بالتكلّف الذي أشرنا إليه فيما سبق. 4ـ "إِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِن ْدُونِ اللّهِ حصبُ جهَنّمَ أنتُمْ لها وارِدُونَ* لَوْ كانَ هوَلاءِ آلهةً ما وَردُوها" (الاَنبياء|98ـ 99). والآية تستدل بورود الاَصنام و الاَوثان في النار على أنّها ليست آلهة إذ لو كانوا آلهة ما وردوا النار. والاستدلال إنّما يتم لو فسرنا الآلهة بما أشرنا إليه فانّ خالق العالم أو مدبّره و المتصرف فيه أو من فوض إليه أفعال اللّه أجلّ من أن يُحكَم عليه بالنار و أن يكون حصبَ جهنّم. وهذا بخلاف ما إذا جعلناه بمعنى المعبود فلا يتم البرهان، إذ لا ملازمة بين كونها معبودات و عدم كونها حصبُ جهنم. ولو أمعنت في الآيات التي ورد فيها لفظ الاِله و الآلهة لقدرت على استظهار ما اخترناه.وإليك مورداً منها في قولهتعالى: 5ـ "فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وبَشِّرِ المُخْبِتينَ" (الحج|34).