( 12 ) مفهوم الاِله في القرآن قد تعرفت على معنى الاِله في اللغة، و حان حينُ البحث في المقام الثاني و هو مفهومه في القرآن الكريم نقول: إنّهنا آيات تدل بوضوح على أنّ الاِله ليس بمعنى المعبود، بل بمعنى المتصرف المدبر أو من بيده أزمّة الاَمور ، أو ما يقرب من ذلك على وجه يميّزه عن الموجودات الاِمكانيّة. و إليك بعض هذه الآيات: 1ـ "لَو كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاّ اللّهُ لَفَسدَتا" (الاَنبياء |22). فانّ البرهان على نفي تعدد الآلهة لا يتم إلاّإذا جعلنا "الاِله" في الآية بمعنى المتصرف، المدبر أو من بيده أزمّة الاَُمور أو ما يقرب من هذين. ولو جعلنا الاِله بمعنى المعبود لانتقض البرهان، لبداهة تعدد المعبود في هذا العالم، مع عدم الفساد في النظام الكوني، و قد كانت الحجاز يوم نزول هذه الآية مزدحمة بالآلهة، و مركزاً لها و كان العالم منتظماً، غير فاسد. و عندئذٍ يجب على من يجعل "الاِله" بمعنى المعبود أن يقيّده بلفظ "بالحق" أي لو كان فيهما معبودات ـ بالحق ـ لفسدتا، و لما كان المعبود بالحقّ مدبِّراً و متصرفاً لزم من تعدده فساد النظام و هذا كلّه تكلّف لامبرّر له. 2ـ "مَا اتَّخَذَ اللّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَق َوَلَعَلا بَعضُهُمْ عَلى بَعْضٍ" (الموَمنون|91). ويتم هذا البرهان أيضاً إذا فسرنا الاِله بما ذكرنا من أنّه كلي ما يطلق عليه لفظ الجلالة. و إن شئت قلت: إنّه كناية عن الخالق، أو المدبّر، المتصرف، أو من يقوم بأفعاله و شوَونه. والمناسب في هذا المقام هو الخالق. و يلزم من تعدده ما رتب عليه في الآية من ذهاب كلّإله بما خلق و اعتلاء بعضهم على بعض. و لو جعلناه بمعنى المعبود لا نتقض البرهان، لاَنّه لايلزم من تعدده أىي