(234) الناس من يتعلم القرآن ليقال: فلان قارئ، ومنهم من يتعلمه فيطلب به الصوت فيقال: فلان حسن الصوت، وليس في ذلك خير. ومنهم من يتعلمه فيقوم به ليله ونهاره لا يبالي من علم ذلك ومن لم يعلمه " (1). بـيـان: لعلك تقول: سلام سور القرآن معناه: نطقها الذاتي وبطابعها القرآني كقوله تعالى: (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق) (2). وكل شيء بهذا التفسير كذلك، وهي دلالة الذاتية على وجود صانعه، وعليه فسلام السور القرآنية سلام طابعي ذاتي، لا سلام التحية القولية. والجواب عنه وعمّا يضاهيه: أن باب التأويل مفتوح إذا استحال ذلك في العقول، يعني أن العقل لا يرى سلام الكائنات القولي من المحال، وأن فيه من المحذور العقلي، ومن المعلوم أن لا استحالة في سلامها ولا كلامها ولا بكائها، ولا يلزم من ذلك محذور أبداً، لا عقلاً ولا شرعاً، بل جاء في القرآن صريحاً أن السماء والأرض وكل شيء له نطق قد سبقت الآي المصرحة بذلك هذا من حيث الإمكان، بل حتى الوقوع من هذا النوع، وإن بقي في المقام تساؤل وهو ما معنى سلام السورة، أو الركن الغربي، أو الحجر، والمدر، والشجر، بل وكل شيء،وهل سلام ذلك كله كسلامنا؟ أو المراد به الأنقياد لأمر الله تعالى، والخضوع الذاتي المشار إليه آنفاً؟. وتقدم الجواب عن هذا السؤال قريباً، ويأتي بيانه أيضاً بشكل آخر وهو أنه لا بد من العلقة الذاتية والسنخية مع الأشياء حتى يعرف لغتها الخاصة بها، كما وقد سبق أنهم (عليهم السلام) لهم المعرفة والارتباط بالكائنات جميعاً، وهم الذين يسمعون ويسمّعون الآخرين من تكلم كل شيء، حتى النطق والتحية، ويشهد بذلك تكلم الأسد مع الإمام الكاظم (عليه السلام)، وجوابه، روحي فداه، له. ____________ 1 ـ أصول الكافي 2 | 608 ـ 609. 2 ـ الجاثية: 29.