( 26 ) للقرآن ظاهر وباطن: يقول الله تعالى في كلامه المجيد: (واعبداو الله ولاتشركوا به شيئا)(1). ظاهر هذه الآية الكريمة أنها تنهى عن عبادة الأصنام كما جاء في قوله تعالى (فاجتنبوا الرجس من الأوثان)(2)، ولكن بعد التأمل والتحليل يظهر أن العلة في المنع من عبادة الأصنام أنها خضوع لغير الله تعالى. وهذا لايختص بعبادة الاصنام بل عبر عز شأنه عن اطاعة الشيطان أيضا بالعبادة حيث قال: (ألم أعهد اليكم يابني آدم أن لاتعبدوا الشيطان)(3). ومن جهة أخرى يتبين أنه لافرق في الطاعة الممقوتة بين أن تكون للغير او للانسان نفسه، فان اطاعة شهوات النفس أيضا عبادة من دون الله تعالى كما يشير اليه في قوله: (افرأيت من اتخذ الهه هواه)(4). وبتحليل أدق نرى أنه لابد من عدم التوجه إلى غير الله جل وعلا، لأن التوجه الى غيره معناه الاعتراف باستقلاله والخضوع له، وهذا هو العبادة والطاعة بعينها، يقول ______________________________ (1) سورة النساء: 36، (2) سورة الحج: 30. (3) سورة يس: 60. (4) سورة الجاثية: 23.