[62] الحق تعالى وعبر هذه المنازل خاطب موسى ربّه قائلا: {أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} طلب منه الرؤية، ومعلوم أن طلب منه الرؤية ومعلوم أن طلب الرؤية بالعين لا يمكن أن يصدر من نبي عظيم، بل المطلوبة هي الرؤية المتناسبة مع المرئي والرائي وهذه الرؤية لا نصلها نحن فموسى يطلبها بعد أن وصل إلى مرتبة "كليم الله" فيتكلم مع ربه قائلا {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} فيأتيه الجواب: {لَنْ تَرَانِي} يعني - على نحو الاحتمال - لا يمكن أن تكون هناك "رؤية" ما دمت موسى، مادمت "أنت" لكنه لم يجعله يرجع آيسا بل حوله إلى " {انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ}، ما هو هذا الجبل الذي يقع عليه تجلي الحق في حين لا يقع لموسى؟! انه جبل طور؟! وهذا التجلي هل بإمكان أهل ذلك العصر أن يروه لو كانوا في جبل طور؟! كانت تلك هي الشمس { فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} أما {وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} (الأعراف/143). ففيها موعد للقاء لن تراني: _ {وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} (الأعراف/143). قد يكون معنى "استقر" هنا هو أن هذا الجبل أصبح "دكا" فيحتمل أن يكون معنى الجبل هو "أنانية" موسى التي كانت هناك بقايا منها لدى موسى إلى مقام "الموت" {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}. كل ذلك هو بالنسبة لنا قصة فالذي أولئك بقدم الشهود هو قصة بالنسبة لنا فنحن نعيش في هذه الظلمات فلقد حدثونا عن ذاك الجبل وجبل الطور.