[19] وألقوه في البئر في آخر الأمر "من معاني الرسّ هو البئر" والمعنى الآخر الأثر اليسير الباقي من الشيء، وقد بقي من هؤلاء القوم الشيء اليسير في ذاكرة التاريخ!. ويرى بعض المفسّرين أنّهم "قوم شعيب" لأنّهم كانوا يحفرون الآبار، ولكن مع الإلتفات إلى أنّ "أصحاب الأيكة" المذكورين في الآيات التالية هم قوم شعيب أنفسهم ينتفي هذا الإحتمال أيضاً. وقال بعض المفسّرين: هم بقايا قوم ـ صالح ـ أي ثمود، ومع الإلتفات إلى ذكر ثمود على حدة في الآية فإنّ هذا الإحتمال يبدو بعيداً أيضاً. فعلى هذا يكون التّفسير الأوّل هو الأنسب، وهو ما إشتهر على أقلام المفسّرين وألسنتهم!. ثمّ يضيف القرآن قائلا: (وعاد وفرعون وإخوان لوط) والمراد بإخوان لوط هم قومه، وقد عبّر القرآن عن لوط بأنّه أخوهم، وهذا التعبير مستعمل في اللغة العربية بشكل عام. وكذلك من بعدهم: (وأصحاب الأيكة وقوم تُبّع). والأيكة: معناها الأشجار الكثيرة المتداخلة بعضها ببعض ـ أو الملتفّة أغصانها ـ و "أصحاب الأيكة" هم طائفة من قوم شعيب كانوا يقطنون منطقة غير "مدين" وهي منطقة ذات أشجار كثيرة(1)! والمراد من "قوم تبّع" طائفة من أهل اليمن، لأنّ "تبّع" لقب لملوك اليمن، باعتبار أنّ هؤلاء القوم يتبعون ملوكهم، وظاهر تعبير القرآن هنا وفي آية اُخرى منه (37 ـ الدخان) هو ملك مخصوص من ملوك اليمن إسمه (أسعد أبو كرب) كما نصّت عليه بعض الرّوايات، ويعتقد جماعة من المفسّرين بأنّه كان رجلا صالحاً ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ لمزيد الإيضاح يراجع ذيل الآيات (78) من سورة الحجر و (176) من سورة الشعراء.