[20] مؤمناً يدعو قومه إلى اتّباع الأنبياء، إلاّ أنّهم خالفوه(1). ثمّ إنّ الآية هذه أشارت إلى جميع من ذكرتهم من الأقوام الثمانية فقالت: (كلٌّ كذّب الرسل فحقّ وعيد). وما نراه في النصّ من أنّ جميع هؤلاء كذّبوا الرسل والحال أنّ كلّ قوم كذّبوا رسولهم فحسب لأنّ الفعل الصادر منهم جميعاً [التكذيب] نال الأنبياء جميعاً وإن كان كلّ قوم قد كذّبوا نبيّهم وحده في زمانهم. أو لأنّ تكذيب أحد النّبيين والرسل يعدّ تكذيباً لجميع الرسل، لأنّ محتوى دعوتهم سواء. وعلى كلّ حال، فإنّ هؤلاء الاُمم كذّبوا أنبياءهم وكذّبوا مسألة المعاد والتوحيد أيضاً، وكانت عاقبة أمرهم نُكراً ووبالا عليهم، فمنهم من اُبتلي بالطوفان، ومنهم من أخذته الصاعقة، ومنهم من غرق بالنيل، ومنهم من خُسفت به الأرض أو غير ذلك، وأخيراً فإنّهم ذاقوا ثمرة تكذيبهم المرّة!! فكن مطمئناً يارسول الله أنّه لو واصل هؤلاء تكذيبهم لك فلن يكونوا أحسن حالا من السابقين. ثمّ يشير القرآن إلى دليل آخر من دلائل إمكان النشور ويوم القيامة فيقول: (أفعيينا بالخلق الأوّل)(2). ثمّ يضيف القرآن: إنّهم لا يشكّون ولا يتردّدون في الخلق الأوّل لأنّهم يعلمون أنّ خالق الإنسان هو الله ولكنّهم يشكّون في المعاد مع كلّ تلك الدلائل الواضحة: (بل هم في لبس جديد). وفي الحقيقة إنّهم في تناقض بسبب هوى النفس والتعصّب الأعمى، فمن جهة يعتقدون بأنّ خالق الناس أوّلا هو الله إذ خلقهم من تراب، إلاّ أنّهم من جهة اُخرى ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ لمزيد الإيضاح يراجع ذيل الآية (37) من سورة الدخان. 2 ـ في الجملة الآنفة إيجاز حذف وتقدير الكلام في تماميته أن يقال "أفعيينا بالخلق الأوّل حتّى نعجز عن الثاني".