[ 559 ] كلاّ، إنّه طلب من الباريء عزّوجلّ أن يمهله إلى يوم يبعثون كي ينتقم من أبناء آدم(عليه السلام) ويدفعهم جميعاً إلى طريق الضلال، رغم علمه بأنّ إضلاله لكلّ إنسان سوف يضيف لذنوبه حملا ثقيلا جديداً من الذنوب، ويغرقه في مستنقع الكفر والعصيان، كلّ ذلك بسبب اللجاجة والتكبّر والغرور والحسد، فما أكثر المصائب التي تتولّد للإنسان من هذه الصفات الذميمة. 7وفي الحقيقة، إنّه كان يريد الإستمرار في إغواء بني آدم حتّى آخر فرصة متاحة له، لأنّ في يوم البعث تسقط التكاليف عن الإنسان، ولا معنى هناك للوساوس والإغواءات، إضافةً إلى هذا فقد طلب من الله عزّوجلّ أن يبقيه حيّاً إلى يوم القيامة، رغم أنّ كلّ الموجودين في العالم يموتون في هذه الدنيا. وهنا إقتضت مشيئة الله سبحانه ـ بدلائل سنشير إليها ـ أن يستجيب الله لطلب إبليس، ولكن هذه الإستجابة كانت مشروطة وليست مطلقة، كما توضّحه الآية التالية: (قال فإنّك من المنظرين). ولكن ليس إلى يوم البعث الذي تبعث فيه الخلائق، وإنّما إلى زمان معلوم، قال تعالى: (إلى يوم الوقت المعلوم). وهنا أعطى المفسّرون آراء مختلفة بشأن تفسير (يوم الوقت المعلوم) حيث قال البعض: إنّه يوم نهاية العالم، لأنّ كلّ الموجودات الحيّة من ذلك اليوم تموت، وتبقى ذات الله المقدّسة فقط، كما ورد في الآية (88) من سورة القصص: (كلّ شيء هالك إلاّ وجهه) وبهذا الشكل فقد استجيب لجزء من مطالب إبليس. والبعض الآخر قال: إنّ ذلك اليوم هو يوم القيامة، ولكن هذا الإحتمال لا يتلاءم مع ظاهر آيات بحثنا التي يتّضح منها أنّ الباريء عزّوجلّ لم يستجب لكلّ مطاليبه، كما أنّ هذا الإحتمال لا يتلاءم حتّى مع بقيّة آيات القرآن الكريم التي تتحدّث عن موت الجميع مع نهاية هذا العالم. وقال البعض: إنّ هذه الآية يحتمل أنّها تشير إلى زمان لا يعرفه أحد سوى الله