[ 560 ] سبحانه وتعالى. ولكن التّفسير الأوّل أنسب من بقيّة التفاسير، وقد وردت رواية في تفسير البرهان نقلا عن الإمام الصادق (عليه السلام)، وتقول بأنّ إبليس يموت في الفترة ما بين النفخة الاُولى والثانية(1). هنا كشف إبليس عمّا كان يضمره في داخله، وعن الهدف الحقيقي لطلبه البقاء خالداً إلى زمن معيّن إذ: (قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين). القسم بالعزّة يراد منه الإستناد على القدرة والإستطاعة، والتأكيدات المتتالية في الآية (القسم من جهة، ونون التوكيد الثقيلة من جهة اُخرى، وكلمة أجمعين من جهة ثالثة) تبيّن أنّه مصمّم بصورة جديّة على المضي في عمله، وأنّه سيبقى إلى آخر لحظة من عمره ثابتاً على عهده بإغواء بني آدم. وبعد قسمه إنتبه إبليس إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ هناك مجموعة من عباد الله المخلصين لا يمكن كسبهم بأي طريقة إلى داخل منطقة نفوذه، لذلك أجبر على الإعتراف بعجزه في كسب اُولئك فقال: (إلاّ عبادك منهم المخلصين). اُولئك الذين يسيرون في طريق المعرفة والعبودية لك بصدق وإخلاص وصفاء، إنّك دعوتهم إليك، وأخلصتهم لك، وجعلتهم في منطقة أمنك، وهذه هي المجموعة الوحيدة التي لا أتمكّن من الوصول إليها، أمّا البقيّة فإنّ بإمكاني إيقاعهم في شباكي. حدس وظنّ إبليس كان صحيحاً، إذ أنّه أوجد العراقيل لكلّ واحد من بني آدم عدا المخلصين الذين نجوا من فخاخه وذلك ما أكّده القرآن المجيد في الآية (20) من سورة سبأ: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه فاتّبعوه إلاّ فريقاً من المؤمنين). * * * ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ تفسير البرهان، المجلّد 2، الصفحة 342.