[485] ألاّ يضيع حق هؤلاء الشعراء المؤمنين المخلصين الصادقين، استثناهم عن بقية الشعراء، فقال عنهم: (إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات). هؤلاء المستثنون من الشعراء لم يكن هدفهم الشعر فحسب، بل يهدفون في شعرهم أهدافاً الهية وانسانية، ولا يغرقون في الأشعار فيغفلون عن ذكر الله، بل كما يقول القرآن: (وذكروا الله كثيراً). وأشعارهم تذكر الناس بالله أيضاً... وإذا ما ظُلموا كان شعرهم انتصاراً للحق (وانتصروا من بعدما ظلموا). فإذا هجوا جماعة هجوهم من أجل الحق ودفاعاً عن الحق الذي يهجوه اُولئك فيذبون عنه... وهكذا فقد بيّن القرآن أربع صفات للشعراء الهادفين، وهي الإيمان، والعمل الصالح، وذكر الله كثيراً، والإنتصار للحق من بعدما ظلموا، مستعينين بشعرهم في الذب عنه... وحيث أن معظم آيات هذه السورة هو للتسلية عن قلب النّبي، والتسرية عنه، وعن المؤمنين القلّة في ذلك اليوم في قبال كثرة الأعداء، وحيث أن كثيراً من آيات هذه السورة في مقام الدفاع عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ضد التهم الموجهة إليه من قبل أعدائه، وغير اللائقة به ـ فإن السورة تُختتم بجملة ذات معنى غزير، وفيها تهديد لأولئك الأعداء الألدّاء، إذ تقول: (وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون). وبالرغم من أن بعض المفسّرين أرادوا أن يحصروا هذا الإنقلاب والعاقبة المرة للظالمين بنار جهنمَّ... إلاّ أنه لا دليل على تقييد ذلك وتحديده بها... بل لعله إشارة إلى هزائمهم المتتابعة والمتلاحقة في المعارك الإسلامية، كمعركة بدر وغيرها، وما أصابهم من ضعف وذلة في دنياهم، فمفهوم هذه الآية عام، بالإضافة إلى ذلك عذابهم وانقلابهم إلى النار في آخر المطاف. * * *