[486] بحوث 1 ـ لِمَ كانوا يتهمون النّبي بالشعر إن واحدةً من التهم التي كانت توجه للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) هي الشعر، وأنّه شاعر، فالآيات ـ آنفة الذكر ـ كانت رداً على هذا الإتهام أيضاً... لقد كانوا يعرفون جيداً أن القرآن ليس له أقل شَبَه بالشعر، لا من حيث الشكل والظاهر ولا من حيث المحتوى، فالشعر فيه وزن وقافية وأبيات مشطرة، وليس كذلك القرآن. والشعر فيه تخيّل وتشبيهات كثيرة وغزل ممّا ليس في القرآن أيضاً. إلاّ أنّهم حيث كانوا يرون أثر القرآن الكبير في جذب أفكار الناس وإيقاعه الخاص في قلوبهم، فلإلقاء الستار على هذا النور الإلهي، سموه "سحراً" تارةً، لأنّه كان ذا نفوذ وتأثير "خفي" في الأفكار. ودعوة "شعراً" تارة أُخرى لأنّه كان يهزّ القلوب ويأخذها معه! لقد أرادوا أن يذموا القرآن فمدحوه بهذا الكلام، وكان كلامهم سنداً ودليلا حياً على نفوذ القرآن الخارق للعادة في أفكار الناس وفي قلوبهم. يقول القران في تنزيه النّبي عن الشعر: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلاّ ذكر وقرآن مبين لينذر من كان حيّاً وبحق القول على الكافرين)(1). 2 ـ الشعر والشاعرية في الإِسلام لا شك أن الذوق الشعري والفن الشاعري كسائر رؤوس الأموال، له قيمته في صورة ما لو استعمل استعمالا صحيحاً وله أثر إيجابي... إلاّ أنّه اذا صار وسيلة تخريب وهدم للبناء العقائدي والأخلاقي في المجتمع، فلا قيمة له، بل يعتبر وسيلة ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ يس، الآية 69.