[484] يكون في اسفل السافلين، ويُلبسونه ثوب الملاك الجميل وإن كان شيطاناً لعيناً... ومتى سخطوا على أحد هجوه هجواً مراً وأنزلوه في شعرهم الى أسفل السافلين، وإن كان موجوداً سماوّياً. تُرى هل يُشبه محتوى القرآن الدقيق المنطلقات الشعرية أو الفكرية للشعراء وخاصّة شعراء ذلك العصر، الذين لم تكن منطلقاتهم إلاّ وصف الخمر والجمال والعشق والمدح لقبائلهم وهجو أعدائهم... ثمّ إن الشعراء عادةً هم رجال خطابة وجماهير لا أبطال قتال، وكذلك أصحاب أقوال لا أعمال، لذلك فإنّ الآية التالية تضيف فتقول عنهم: (وأنّهم يقولون ما لا يفعلون). غير أن النّبي الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) رجل عمل من قرنه إلى قدمه، وقد اعترف بعزمه الراسخ واستقامته العجيبة حتى أعداؤه، فأين الشاعر من النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وممّا تقدم من الأوصاف التي ذكرها القرآن عن الشعراء، يمكن أن يقال بأن القرآن وصفهم بثلاث علامات: الأُولى: أنّهم يتبعهم الغاوون الضالون، ويفرّون من الواقع، ويلجاؤون إلى الخيال. والثّانية: أنّهم رجال لا هدف لهم، ومتقلّبون فكريّاً، وواقعون تحت تأثير العواطف! والثّالثة: أنّهم يقولون مالا يفعلون... وحتى في المجال الواقعي لا يطبقون كلامهم على أنفسهم... إلاّ أنه لا شيء من هذه الأوصاف يصدق على النّبي، فهو في الطرف المقابل لها تماماً! و لمّا كان بين الشعراء أناس مخلصون هادفون وأهل أعمال لا أقوال، ودعاة نحو الحق والصدق "وإن كان مثل هؤلاء الشعراء قليلا يومئذ". فالقرآن من أجل