[479] 2 ـ إنذار الأقربين "حديث يوم الدار" وفقاً لما ورد في التواريخ الإسلامية، أُمر النّبي في السنة الثّالثة بدعوته الأقربين من عشيرته، لأنّ دعوته حتى ذلك الحين كانت مخفية "سريّة"، وكان الذين دخلوا في الإِسلام عدداً قليلا، لذلك حين نزلت الآية: (وأنذر عشيرتك الأقربين) والآية (فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين)(1) أمر النّبي أن يجعل دعوته علنية، وبدأ ذلك بدعوة أهله وأقربائه(2). وأمّا كيفية إبلاغه وإنذاره إيّاهم، فهو بإجمال أنّه دعا النبيّ "عشيرته" إلى بيت عمّه أبي طالب، وكانوا في ذلك اليوم حوالي أربعين رجلا، وكان ممن حضر هذه الدعوة بعض أعمام النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كأبي طالب والحمزة وأبو لهب والعباس، وبعد أن تناولوا الطعام، وأراد النّبي أن يؤدي ما عليه، تكلم أبولهب كلمات أحبط بها خطة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، لذا فقد دعاهم النّبي في اليوم التالي أيضاً. وبعد أن تناولوا الطعام، قال(صلى الله عليه وآله وسلم): "يا بني عبد المطلب، إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم بخير الدنيا والآخرة... وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على أمري هذا، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟" فأحجم القوم عنها غير علي، وكان أصغرهم (سناً)، فقال: "يا نبيّ الله، أنا أكون وزيرك عليه"، فأخذ رسول الله برقبته، وقال: "إنّ هذا وصييّ وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا" فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لإبنك وتطيع.(3) وقد نقل هذا الحديث كثير من أهل السنة كابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي، والثعلبي، كما نقله "ابن الأثير" في ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ سورة الحج، الآية 94. 2 ـ راجع سيرة ابن هشام، ج 1، ص 280. 3 ـ المراجعات، ص 130.