الجاهلون المعطلون وسكنت قلوبهم إلى ما نفر منه الجاحدون المتكلمون وعلموا أن الصفات حكمها حكم الذات فكما أن ذاته سبحانه لا تشبه الذوات فكذا صفاته لا تشبه الصفات فما جاءهم من الصفات عن المعصوم تلقوه بالقبول وقابلوه بالمعرفة والإيمان والإقرار لعلمهم بأنه صفة من لا تشبيه لذاته ولا لصفاته وأن ما جاء مما اطلقه الشرع على الخالق والمخلوق لا تشابه بينهم في المعنى الحقيقي إذ صفات القديم بخلاف صفات الحادث وليس بين صفاته وصفات خلقه إلا موافقة اللفظ للفظ والله سبحانه وتعالى قد أخبر أن في الجنة لحما ولبنا وعسلا وماء وحريرا وذهبا وقال ابن عباس ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء فإذا كانت هذه المخلوقات الفانية ليست مثل هذه الموجودة مع اتفاقهما في الأسماء فالخالق جل وعلا أعظم علوا وأعلى مباينة لخلقه من مباينة المخلوق للخالق وإن اتفقت الأسماء وأيضا فقد سمى الله سبحانه نفسه حيا عليما سميعا بصيرا ملكا رؤوفا رحيما وسمى بعض مخلوقاته حيا وبعضها عليما وبعضها سميعا بصيرا وبعضها رؤوفا رحيما وليس الحي كالحي ولا العليم كالعليم ولا السميع كالسميع ولا البصير كالبصير ولا الرؤوف الرحيم كالرؤوف الرحيم .
قال تعالى الله لا إله إلا هو الحي القيوم .
وقال يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي .
وقال وهو العليم الحكيم .
وقال وبشروه بغلام عليم .
وقال إن الله كان سميعا بصيرا .
وقال إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا .
وقال إن الله بالناس لرؤوف رحيم