إن المعجز هو الصفة القديمة القائمة بذات الرب تعالى ولا ما يتعلق من القراءة بكسب القارئ بل وجه الإعجاز فيه قد يتقرر من وجهين .
فتارة نقول إن المعجز هو إظهار ذلك المقروء القائم بالنفس على لسان الرسول بما خلق الله من العبارات الدالة عليه فلا يكون كلامه الدال هو المعجز ولا المدلول بل إظهار ذلك المدلول بكلامه عند تحديه بنبوته ولا محالة أن ذلك مما يتقاصر عن تحصيله أرباب الفكر ويكل دونه حذاق أهل النظر وذلك كما ذكرناه فى قضية المتحدى باظهار ما فى الصندوق ونحوه .
وتارة نقول إن المعجز هو هذه العبارات وهذه الكلمات من جهة ما اشتملت عليه من الفصاحة والبلاغة والنظم المخصوص وذلك مما لا يدخل تحت قدرة النبى ولا هو متوقف على إرادته بل هو مقدور ومخلوق لله تعالى وما هو مقدور له ومتعلق كسبه فليس إلا حفظه وتلاوته ونسبته إليه كنسبته إلينا فإنا نعلم من أنفسنا عند قراءته والشروع فى تلاوته أن ما هو متعلق كسبنا منه ليس إلا القراءة والتلاوة دون النظم والبلاغة وما اشتمل عليه من الفصاحة لكن لما اختص بإظهار ذلك على لسانه بطريق الوحى عن ربه مقارنا لدعوته وكان ممن تكل عن الإتيان بمثله قوى البشر ويعجز عن معارضته ذوو القدر كان ذلك دليلا على صدقه كما سلف .
ومن صفت فطرته واشتدت قريحته وكان ناظرا أريبا علم أن ما من آية من القرآن إلا وهى لما اشتملت عليه من النظم البديع والترتيب البليغ والمعنى معجزة وأنه من عند رب العالمين وعلى قدر سلامة الفطر وصحة النظر يقع التفاوت