بين الناظرين فى إعجاز القرآن العظيم فرب شخص يكون عنده بالنظر إلى نظمه وحده معجزة و بالنظر إلى بلاغته معجزة ورب شخص يكون الإعجاز عنده من الأمرين وعلى هذا التفاوت يكون الاختلاف بين الآية والسورة والكتاب برمته فى الاعجاز فالخفاء إن وقع فى إعجازه بالنسبة إلى نظمه أو بلاغته أو بالنظر إلى آيه وسوره فلا خفاء بأن مجموع ذلك يكون خارقا معجزا ولا اختلاف فيه عند القائلين به .
وأما إنكار تحديه بالقرآن للعرب وإفحامه ذوى الأدب فهو أيضا مما علم بالضرورة والنقل المتواتر كما علم وجوده وظهور القرآن على يده ولا حجة لإنكاره كيف والقرآن مشحون بقوارع من الآيات دالة على التحدى ونعى العرب مثل قوله فأتوا بكتاب من عند الله فأتوا بعشر سور فأتوا بسورة من مثله وقوله لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله إلى غير ذلك من الآيات فكيف يقال بإنكار وقوع التحدى .
ثم ما من آية من هذه الآيات الا وهى منقولة على لسان التواتر وهو سواء فى سائر الآيات وذلك مما يمتنع معه القول بكونها مؤلفة بعد النبى عليه السلام أو أنها مجمعة لغيره من الأنام فإذا ثبت تحديه به العرب وأرباب الفضل منهم والأدب فلو وقعت المعارضة منهم لاشتهر ذلك ولتوفرت الدواعى على نقله كما توفرت على نقل غيره إما على لسان الموافق أو المخالف إذ السكوت عن مثل هذا والتواطؤ على تركه مما تقضى العادة الجارية