أو باعتبار أمر وجودها ولا جائز أن تكون مفتقرة من حيث وجودها إذ الوجود من حيث هو وجود عند الخصم قضية واحدة شاملة للجوهر والعرض فلو افتقر العرض إلى المحل من حيث وجوده لافتقر الجوهر أيضا وهو ممتنع فبقى أن يكون الأفتقار إلى المحل من حيث ذواتها وإذ ذاك فلا فرق بين أن تكون موجودة أو معدومة فان ما هو المفتقر في حالة الوجود هو بعينه الثابت في حالة العدم .
وإذا كانت مفتقرة إلى محل تقوم به فإذا فرضنا سوادا وبياضا متعاقبين على محل واحد في طرف الوجود فإما أن يكونا قبل وجودهما قائمين بذلك المحل أو أحدهما قائم به والآخر قائم بغيره لا جائز أن يكون أحدهما قائما به والآخر قائما بغيره وإلا فعند وجوده فيه يلزم عليه الانتقال والانتقال على الأعراض محال فبقى أن يكونا ثابتين فيه بصفة الاجتماع في حالة العدم ولو كان كذلك لما استحال القول باجتماعهما فيه في حالة الوجود إذ الاستحالة إما ان تكون باعتبار ذاتيهما أو باعتبار وجوديهما لا جائز أن تكون الاستحالة بينهما والتنافر باعتبار وجوديهما إذ الوجود فيهما بمعنى واحد لا اختلاف فيه فتعين أن تكون الاستحالة باعتبار ذاتيهما فإذا لم يكن بينهما تنافر في العدم لم يكن بينهما تنافر في الوجود أيضا لكن الاستحالة والتنافر ثابت في الوجود فيكون ثابتا في العدم فيلزم من كونهه ثابتا في حالة العدم امتناع قيامهما بمحل واحد لضرورة التنافر أو بمحلين لضرورة استحالة الانتقال عند فرض التعاقب ويلزم من امتناع قيامهما بالمحل امتناع ثبوتهما في نفسيهما لضرورة أن لا قوام لها ولا ثبوت إلا بالمعدوم وهو المطلوب .
فإن قيل تعلق العلم والاخبار عنه بكونه مقدورا أو ممكنا وصحة التصرف فيه بالعموم والخصوص حتى انقسم إلى الجائز والمستحيل يستدعى متعلقا لهذه العلاقات وصحة هذه التصرفات وذلك لا يتم الا أن يكون المتعلق شيئا ثابتا وذاتا متعينة وإلا فإضافة العلم والإمكان والقدرة والعموم والخصوص وغير ذلك من الأحكام لا إلى شئ وهو محال كيف وأنه لو لم تكن الذوات ثابتة في العدم متميزة بذواتها في القدم لما تصور من الفاعل إيجادها ولا القصد إلى إحداثها من جهة أن التخصيص بالوجود والقصد له فرع تميزه